samedi 9 décembre 2006

Le Secteur Agricole Entre l'Enclume et le Marteau

القطاع الفلاحي بين حيف الطبيعة ومسلسل التفكيك


يعرف القطاع الفلاحي في المرحلة الراهنة مسلسل تفكيك جميع مكوناته، ابتداء من تفويت منشآته العمومية ووضعها على طريق التصفية والانقراض إلى إفراغ الوزارة ومصالحها المركزية والخارجية عبر عملية المغادرة الطوعية.
يتم هذا في وقت تضاعفت فيه أزمة الفلاحة المغربية نتيجة المعيقات المناخية والطبيعية من صقيع وجفاف وجراد.
هكذا نلاحظ أن القطاع الفلاحي الذي يفتقد إلى استراتيجية واضحة المعالم وقيادة فعالة وناجعة يتخبط بين مطرقة حيف الطبيعة وسندان إرادة التفكيك والتراجع عن الدور الفاعل في التأطير والتدخل لحساب الإقطاع الخاص واضعا بذلك الأمن الغذائي للشعب المغربي في دائرة الخطر.
I) التخلي عن المنشآت العمومية:
ولنوضح أكثر وضعية المؤسسات العمومية بالقطاع الفلاحي سنتوقف بتركيز عند البعض منها والتي لعبت ومن المفروض أن تلعب الدور التنموي المنوط بها ويتعلق الأمر ب:
1- المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي المنوط بها تأطير الأراضي المسقية.
2- مراكز الأشغال الفلاحية المتواجدة عبر التراب الوطني (122 مركز) لتأطير الفلاحة في الأراضي البورية.
3- شركتي سوجيطا وصوديا اللتان مارستا الاستغلال المباشر لأراضي الدولة.
4- شركة تسويق البذور المختارة المسؤولة على ضمان البذور المختارة وتوزيعها على الفلاحين عبر التراب الوطني.
5- شركة بيوفارما المتخصصة في إنتاج الأدوية الحيوانية.
* المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي
عددها 9، من مهامها تأطير الفلاحة السقوية التي تمثل ما يقارب 10% من المساحة الإجمالية وتسيير التجهيزات المائية وتوزيع الماء على الفلاحين.
تعيش هذه المؤسسات التنموية في ظل السياسة الاقتصادية الليبيرالية التي ينهجها المغرب محاولة لتقزيم دورها بالتقليل من مواردها سنة بعد سنة وتهييئ مناخ تصفيتها بفصل مهام التأطير عن مهام توزيع الماء التي ستمنح للخواص في إطار ما يسمى ب"التدبير المستقل لخدمة الماء بالمناطق السقوية" وإمعانا في تهيئ ظروف التصفية نلاحظ سوء التدبير الذي تعرفه المكاتب الجهوية والمتمثل في التقلص المستمر لتغطية مستحقات المياه الموزعة على الفلاحين وقد قدر ضعف مستوى تحصيل متأخرات مياه الري، حسب الدوائر الرسمية، ب 467 مليون درهم في آخر سنة 2003. وتمثل منطقتي الغرب واللكوس أكبر المناطق التي لا تسترجع مستحقات المياه. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناطق يتواجد فيها أكبر الملاكين العقاريين وأكثرهم نفوذا.
* مراكز الأشغال الفلاحية:
عددها 122، تغطي كافة المناطق البورية، أنشأت أساسا لتأطير الفلاحين وإشاعة التقنيات الحديثة في الزراعة.
تعيش الآن تهميشا فظيعا على كافة المستويات. قلة الإمكانيات وغياب الموارد البشرية خاصيتان أساسيتان لهذه المراكز التي نعتبر أن المسؤولين عن القطاع الفلاحي رغم إقرارهم بأهميتها لا يفعلون شيئا لإنقاذها بل يتركونها ليفعل بها الزمن فعلته وتنقرض رويدا رويدا.
* شركتي صوديا وسوجيطا:
اهتمت بالاستغلال المباشر لجزء من الأراضي المسترجعة، رغم طاقتها والإمكانيات المخولة لها، جرها التسيير الفاسد وجشع المفسدين وتبذير المال العام إلى سكتة قلبية نتج عنها تسريح ومغادرة ما يقرب من 4000 مستخدم وعامل. إن ما يسمى بإعادة الهيكلة نعتبره، رغم كل المبررات، مخططا لتصفية الشركتين وتفويت أراضيهما للخواص.
إن إرادة التصفية يمكن التأكد منها من خلال نتائج عملية الكراء التي شملت 44.000 هكتار لفائدة 174 مستفيد من بينهم 14% أجنبي. واعتمادا على تصريحات المسؤولين التي أكدت على أن العملية ستستمر لتشمل الأراضي التي كانت مخصصة وفق مخطط إعادة الهيكلة لإنتاج البذور المختارة. وفي هذا الإطار يمكن أن نسجل الملاحظات الأساسية التالية:

1. بدل خلق مركبات فلاحية صناعية ضخمة ذات تكنولوجيا متقدمة وفوق مساحات واسعة وبيد عاملة كثيفة كما تم الالتزام بذلك خلال مناقشة مخطط إعادة الهيكلة تم تشتيت الأراضي على عدد كبير من المستفيدين بمساحة معدلها 253 هكتار للمستفيد الواحد.
2. نسبة ضعيفة من الاستثمار الأجنبي الذي كان معولا عليه لإنجاح العملية وقد بذلت مجهودات كبيرة في هذا الإطار لإقناع المستثمرين الأجانب لكن هذه المجهودات لم تعطي أكلها.
3. تم التخلي عن مهمة إنتاج البذور المختارة التي تعتبر مهمة استراتيجية لحماية الأمن الغذائي للشعب المغربي وبدأ الاستعداد حسب تصريح المسؤولين، لتفويت المساحات التي كانت مخصصة لهذ العملية (ما يزيد على 40.000 هكتار) في نفس الوقت الذي سيتم فيه تصفية شركة سوجيطا وتسريح عمالها والتي كانت مرشحة للقيام بعملية إنتاج البذور.
4. صاحبت عملية التفويت/الكراء خروقات جعلت "الهيئة الوطنية لحماية المال العام" تستعد لتنظيم محاكمة رمزية يوم 10 دجنبر 2005 من أجل الكشف عن "الحقيقة الكاملة".
* شركة تسويق البذور المختارة:
شركة عمومية تعنى بتسويق البذور المختارة وإيصالها إلى الفلاحين في جميع المناطق. إسمها مدرج في لائحة الخوصصة ممايعني تصفيتها وتسريح مستخدميها ووضع البذور المختارة، كمادة استراتيجية، تحت رحمة الجشع الرأسمالي الذي يبتغي الربح بكل الوسائل المتاحة.
* شركة بيو فارما:
متخصصة في إنتاج أدوية المواشي تستفيد من إنتاجها مجموعة من الدول الإفريقية. تلعب دورا استراتيجيا في الوقاية من الأمراض الحيوانية الخطيرة في إطار مهمة عمومية تخدم مصلحة المواطنين والشعب المغربي بصفة عامة.
تم إدراجها في لائحة الخوصصة والنتيجة، في اعتقادنا، ستكون كارثية إذا انسحبت الدولة من هذا القطاع الهام والخطير.
II) التخلي عن الموارد البشرية عبر التسريح والمغادرة الطوعية
بعد تسريح أزيد من 4000 عامل ومستخدم في إطار ما سمي بمخطط إعادة هيكلة "شركتي صوديا وسوجيطا" وتصفية الشركة الوطنية لإنماء تربية المواشي والاستغناء عن حوالي 10.000 عامل مؤقت عرفت وزارة الفلاحة والمندوبية السامية للمياه والغابات نزيفا حادا لمواردها البشرية في إطار المغادرة الطوعية التي مست أزيد من 4200 موظف وموظفة من مختلف المصالح المركزية والإقليمية. وتستمر عملية التشجيع على المغادرة لتشمل المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي ومراكز الأشغال الفلاحية حيث يتم حاليا وضع اللمسات الأخيرة على مشروع ينوي من خلاله المسؤولون التخلي عن خدمات حوالي 5000 من مجموع المستخدمين والمستخدمات بهاتين المؤسستين. لقد استغنت الوزارة عن ما يناهز 70% من الأطر من تقنيين ومهندسين وأطباء بيطريين ومتصرفين وإعلاميين وأطر مماثلة ثلثهم لم يتجاوز 49 سنة ومن بينهم أزيد من 90 باحث غادروا المعهد الوطني للبحث الزراعي. وما يقرب من 200 مسؤول (رؤساء مصالح، رؤساء أقسام، مدراء إقليميون). هكذا نلاحظ أن وزارة الفلاحة فقدت طاقات وكفاءات قادرة على العطاء ومليئة بالحيوية ما أحوج القطاع الفلاحي لخدماتها ولتجربتها لرفع التحديات التي تواجه التنمية الفلاحية والمساهمة في ضمان الأمن الغذائي للشعب المغربي.
لقد اتضح من خلال ما سبق ذكره أن وزارة الفلاحة مصرة على الانسحاب الشامل من مهامها التأطيرية والتوجيهية للقطاع الفلاحي لحساب الخواص وذلك تماشيا مع الاختيار الاقتصادي والاجتماعي الرأسمالي التابع للدوائر المالية العالمية.
III) هشاشة الفلاحة المغربية وغياب استراتيجية واضحة للقطاع
إن الفلاحة المغربية ظلت وما تزال هشة « Aléatoire »، غير مؤهلة ولم تستطع السياسات (التدخلات)المتعاقبة للدولة خلال 50 سنة من تحقيق الأمن الغذائي للشعب المغربي وتجاوز المعيقات التي تعرقل التنمية الفلاحية.
فبالإضافة إلى المعيقات المناخية التي تضع ما يقرب من 90 % من الأراضي الصالحة للزراعة تحت رحمة التساقطات المطرية القليلة وغير المنتظمة والمعيقات العقارية المتسمة بالتوزيع غير العادل للأراضي وتواجد الأنظمة المعرقلة للاستغلال والحجم الصغير للأغلبية الساحقة من المستغلات وبالتالي كثرة الفلاحين الصغار الذين يكدحون في ظروف قاسية لينتجوا بالكاد ما يبقيهم على قيد الحياة.

بالإضافة إلى هذه المعيقات هناك معيقات اجتماعية وثقافية مرتبطة بالمجال القروي والإنسان القروي الذي يعيش القهر والتخلف والأمية في ظل غياب البنيات التحتية والتجهيزات الضرورية التي تتطلبها الحياة الكريمة (الصحة، التعليم، الماء، الكهرباء، الطرق،...) واستمرار الديمقراطية المزيفة التي تحرم الفلاحين الكادحين من أخد الكلمة والحد من سيطرة المستغلين والسماسرة وكبار الملاكين.

بهذه المميزات وفي ظل هذا الوضع تدخل الفلاحة المغربية السوق العالمية وتنخرط في سياسة العولمة من باب الشراكة مع أوربا الموحدة واتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن عانت ما زالت تعاني من الآثار السلبية لسياسات التقويم الهيكلي التي فرضتها الدوائر المالية الإمبريالية منذ أواسط الثمانينات.

إن التحديات التي تواجه الفلاحة المغربية حاليا كبيرة جدا تستوجب استنهاض وتعبئة كل الطاقات في إطار استراتيجية تنموية واضحة المعالم واقتصاد متين وسوق داخلية قوية. وللدولة المغربية المسؤولية الأولى والأساسية لتطوير الفلاحة وتنمية القطاع لتحقيق الأمن الغذائي والتعامل مع هذا الأخير مثل الأمن العسكري حيث لا يمكن أن نتصور ضمان الاستقلال والحرية لبلادنا إذا كنا نستورد العساكر للدفاع عنا !

لكن ما نلاحظه هو عكس هذا وذلك لأنه بالإضافة إلى غياب استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذه التحديات فإن الوزارة سائرة في طريق التخلي التدريجي عن ـأطير القطاع الفلاحي وتوجيهه للاكتفاء بتصريحات الوزير في بداية كل موسم فلاحي يعلن خلاله عن إجراءات تبقى في معظمها حبرا على ورق. وكم من إجراء تم اتخاذه وكم من عملية تم الإعلان عنها لكنها فشلت على أرض الواقع ونذكر على سبيل المثال لا الحصر عمليات القمح الطري، إنتاج 60 مليون قنطار من الحبوب، التأمين الفلاحي الذي عرف تراجع 50% من المساحات المؤمنة في الخمس سنوات الأخيرة. بالإضافة إلى الإجراءات الأخيرة المتعلقة بتغيير الزراعات واستبدال الحبوب بأشجار الزيتون والخروب وغيرها التي تبقى غامضة وغير قابلة للتحقيق في الوضع الحالي للفلاحة المغربية.

Aucun commentaire: